في مطلع القرن الحادي والعشرين، استلهم المهندس الأسترالي دانيال تيمز فكرته الثورية لتطوير قلب اصطناعي من تجربة شخصية مؤلمة، حيث تعرض والده لنوبة قلبية عام 2001. دفعه ذلك إلى تكريس حياته لابتكار جهاز قادر على إنقاذ مرضى قصور القلب دون الحاجة إلى عمليات زراعة قلب.

كان هذا الطموح بداية الطريق نحو تطوير BiVACOR Total Artificial Heart، وهو ابتكار رائد في مجال الرعاية القلبية. بدأ تيمز مشروعه أثناء دراسته الجامعية، حيث تعاون مع والده لصنع النموذج الأولي للجهاز في مطبخ منزله، مستخدمًا قرصًا سريع الدوران داخل غلاف معدني لضخ الدم بتدفق مستمر، وهو مفهوم جديد كليًا مقارنة بالقلب البشري النابض.

قفزة علمية تنقذ الأرواح

في إنجاز طبي غير مسبوق، أصبح أحد المرضى في أستراليا عام 2025 أول شخص يغادر المستشفى بقلب اصطناعي كامل مصنوع من التيتانيوم. أُجريت الجراحة في مستشفى سانت فنسنت بسيدني في نوفمبر 2024، مما شكل علامة فارقة في تطوير القلوب الاصطناعية.

يتميز قلب BiVACOR بحجمه الصغير (بحجم فنجان قهوة تقريبًا) ووزنه الخفيف البالغ 650 جرامًا، إضافة إلى تصميمه الفريد الذي يعتمد على قرص مغناطيسي سريع الدوران بدلًا من الصمامات التقليدية. يقلل هذا النهج من مخاطر التآكل والتجلط، مما يجعله أكثر متانة من القلوب الاصطناعية السابقة.

حل ثوري لأزمة عالمية

تظل أمراض القلب السبب الأول للوفاة عالميًا، حيث يعاني أكثر من 23 مليون شخص سنويًا من قصور القلب. ورغم الحاجة المتزايدة، لا تتجاوز عمليات زراعة القلب 6000 عملية سنويًا، وتواجه تحديات عديدة مثل قلة المتبرعين والمضاعفات المرتبطة بالأدوية المثبطة للمناعة.

يوفر قلب BiVACOR حلاً دائمًا لهذه المشكلات، إذ يمنح المرضى فرصة للحياة دون الحاجة إلى زراعة قلب بشري أو القلق من فشل الأعضاء المزروعة بعد سنوات قليلة.

نحو مستقبل بلا أسلاك

لا تزال تكنولوجيا القلب الاصطناعي تواجه تحديات، أبرزها مصدر الطاقة. يعمل الجهاز حاليًا عبر كابل يخرج من بطن المريض ليتصل ببطارية خارجية، لكن تيمز وفريقه يعملون على تطوير نظام شحن لاسلكي يعتمد على الحث الكهرومغناطيسي، ما قد يجعل القلب يعمل باستقلالية تامة داخل الجسم.

رؤية طموحة لمستقبل خالٍ من قصور القلب

بالنسبة لتيمز، فإن تطوير قلب اصطناعي متكامل هو أكثر من مجرد مشروع علمي، بل هو مهمة شخصية. يقول: “لن أتوقف حتى يصبح هذا القلب الاصطناعي حلاً دائمًا لملايين المرضى حول العالم.”

مع استمرار التقدم، يقترب العالم من تحقيق حلم توفير قلب اصطناعي يمكنه العمل مدى الحياة، ما يمثل ثورة حقيقية في علاج أمراض القلب، ويضع حلول زراعة القلب التقليدية أمام منافسة قوية قد تجعلها شيئًا من الماضي.

المصدر: