شهدت الساحة الموسيقية المصرية في السنوات الأخيرة تدهورًا ملحوظًا في جودة المحتوى المقدم، مما أثار قلق الكثيرين بشأن تأثيره السلبي على الشباب. فبينما كانت مصر في يوم من الأيام منارة للفن الأصيل والموسيقى الراقية، أصبح المشهد الحالي يفتقر إلى الابتكار والعمق، مع هيمنة أنواع موسيقية تعتمد بشكل كبير على الإيقاع السريع والكلمات السطحية التي تفتقر إلى أي رسالة أو قيمة فنية حقيقية.

يرجع هذا الانحدار إلى عدة عوامل، منها السعي وراء الربح السريع الذي دفع المنتجين إلى تفضيل الأعمال التجارية على الأعمال الفنية الهادفة، بالإضافة إلى غياب النقد البناء الذي كان يلعب دورًا مهمًا في توجيه الفنانين والجمهور على حد سواء. كما ساهم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمي في تسهيل وصول أي محتوى للجمهور دون رقابة أو تقييم حقيقي.

يقع التأثير الأكبر لهذا الانحدار على الشباب، فهم الشريحة الأكثر استهلاكًا للموسيقى. فالموسيقى ليست مجرد ترفيه، بل هي جزء لا يتجزأ من تكوين الهوية الثقافية والذوق الفني. عندما يتعرض الشباب بشكل مستمر لموسيقى تفتقر إلى الجودة والعمق، فإن ذلك يؤثر سلبًا على قدرتهم على التمييز بين الفن الجيد والرديء، وقد يؤدي إلى تبلد الحس الفني لديهم.

كما أن الكلمات السطحية والمبتذلة التي تتضمنها بعض الأغاني قد تؤثر على القيم والمبادئ الأخلاقية للشباب، وتساهم في نشر ثقافة الاستهلاك واللامبالاة. والأخطر من ذلك، قد تدفع هذه الأغاني بعض الشباب إلى تبني سلوكيات غير لائقة أو تقليد أنماط حياة غير صحية يتم الترويج لها.

لمواجهة هذا التحدي، من الضروري أن تتضافر الجهود لإعادة إحياء الذوق الموسيقي الأصيل في مصر. وهذا يتطلب دعم المواهب الشابة الواعدة التي تقدم محتوى هادفًا، وتشجيع الأعمال الفنية التي تحمل رسائل إيجابية. كما يجب على وسائل الإعلام المختلفة أن تلعب دورًا في تسليط الضوء على الموسيقى الجيدة وتوعية الجمهور بأهمية الفن الهادف. وفي النهاية، يقع على عاتق كل فرد مسؤولية اختيار ما يستمع إليه، وتشجيع الأجيال القادمة على تقدير الفن الأصيل الذي يثري الروح ويهذب الذوق، وهذا ليس بمستحيل.

بقلم / ميشيل نان