مع انطلاق النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، بدأت قناة ON في عرض مسلسل “شباب امرأة”، وهو عمل درامي مستوحى من الفيلم المصري الكلاسيكي الذي يحمل نفس الاسم. المسلسل الجديد يقدم رؤية معاصرة لقصة كتبها الأديب أمين يوسف غراب، وتحولت سابقًا إلى فيلم سينمائي خالد عام 1956. تدور الأحداث حول “إمام”، الشاب الريفي الذي ينتقل إلى القاهرة ليعمل طبيبًا، ويستأجر غرفة لدى “المعلمة شفاعات” في منطقة القلعة. “شفاعات” امرأة متسلطة وقوية تفتتن بشبابه وتحاول إغوائه، مما يضع حياته المهنية في خطر ويدخله في صراعات نفسية واجتماعية معقدة.
لكن القصة وراء “شباب امرأة” أعمق من مجرد أحداثها الدرامية؛ فهي تشمل جدلاً واسعًا حول أصولها الأدبية وعلاقتها برواية فرنسية قديمة، بالإضافة إلى تفاصيل مثيرة أحاطت بتحويلها إلى عمل سينمائي. فهل كان “شباب امرأة” أصيلًا بالكامل، أم أن هناك تأثيرات أدبية خفية شكلت ملامحه؟
الرواية الأصلية: هل اقتبس غراب من “سافو”؟
عند ذكر أمين يوسف غراب، تتبادر إلى الذهن فورًا روايته “شباب امرأة”، التي جسدت الصراعات الاجتماعية والطبقية من خلال قصة حب غير متكافئة بين شاب بسيط وسيدة ناضجة قوية الشخصية. وقد نجح غراب في تصوير الواقع الاجتماعي المصري في منتصف القرن العشرين، حيث كانت القاهرة تشهد تحولات اجتماعية وثقافية عميقة أثرت على الأفراد وسلوكياتهم.
لكن الجدل الذي لازم الرواية يكمن في تشابهها الكبير مع رواية “سافو” للأديب الفرنسي ألفونس دوديه، التي نُشرت عام 1884. تدور أحداث “سافو” حول شاب يدعى “جان جوسين” من عائلة ثرية في جنوب فرنسا، ينتقل إلى باريس للعمل في الحكومة، وهناك يقع في حب “فاني ليجراند”، وهي امرأة تكبره سنًا وعملت سابقًا كعارضة أزياء تحت اسم “سافو”.
يبرز التشابه بين “شباب امرأة” و”سافو” في العلاقة بين الشاب الصغير والسيدة الناضجة ذات النفوذ العاطفي والاجتماعي. ففي كلتا القصتين، تحاول السيدة التلاعب بالشاب، الذي يقاوم في البداية قبل أن يتورط كليًا. كما أن الجانب الأخلاقي والصراع الداخلي للبطل حاضر بقوة في العملين، مما يثير تساؤلًا: هل استوحى أمين يوسف غراب فكرته من الرواية الفرنسية، أم أن الأمر مجرد تشابه عرضي في الحبكة؟
اختلف النقاد في الإجابة عن هذا السؤال. فقد أشار الناقد مصطفى محرم في مقال له بعنوان “نجيب محفوظ والعمل في السينما” إلى أن الفيلم السينمائي مقتبس من رواية “سافو”، لكن غراب لم يشر إلى ذلك أبدًا، بل حرص على نفي أي اقتباس، خصوصًا بعدما رفض وضع اسم نجيب محفوظ على تترات الفيلم باعتباره مشاركًا في كتابة السيناريو.
“شباب امرأة” بين الرواية والسينما
تحولت رواية “شباب امرأة” إلى فيلم سينمائي عام 1956، من إخراج صلاح أبوسيف، وبطولة النجمة تحية كاريوكا والنجم شكري سرحان، بمشاركة شادية وعبدالوارث عسر. شارك في كتابة السيناريو الفنان السيد بدير، بالإضافة إلى نجيب محفوظ، الذي تم حذف اسمه لاحقًا بناءً على رغبة أمين يوسف غراب في الاحتفاظ بكامل الحقوق الأدبية للعمل.
حقق الفيلم نجاحًا باهرًا، ليس فقط بسبب قصته الجذابة، بل أيضًا بفضل الأداء الأسطوري لتحية كاريوكا في دور “شفاعات”. لقد قدمت شخصية المرأة القوية المسيطرة ببراعة، وهو دور يُعد من أفضل أدوارها في السينما المصرية. كما تألق شكري سرحان في تجسيد شخصية الشاب الساذج الذي يقع في فخ الإغواء ويكاد يفقد مستقبله بسبب هذه العلاقة. حصل الفيلم على جوائز دولية، وشارك في مهرجان كان السينمائي عام 1956، مما عزز مكانته كواحد من أهم الأعمال السينمائية المصرية.
عودة “شباب امرأة” في رمضان 2025
بعد مرور أكثر من 70 عامًا على إنتاج الفيلم، تعود القصة مرة أخرى في شكل مسلسل درامي حديث، ليواكب العصر ويقدم رؤية جديدة للقصة مع بعض التعديلات لتناسب الواقع الحالي. مسلسل “شباب امرأة” الجديد من بطولة يوسف عمر في دور “إمام”، الشاب الريفي الساذج الذي يترك قريته متجهًا إلى القاهرة للعمل طبيبًا، ويقع تحت تأثير “المعلمة شفاعات”، التي تلعب دورها النجمة غادة عبدالرازق، وهي امرأة قوية الشخصية تحاول إغواءه والسيطرة عليه.
يشارك في المسلسل أيضًا نخبة من الفنانين منهم محمود حافظ، عمرو وهبة، داليا شوقي، جوري بكر، محمد محمود، رانيا منصور، وطارق النهري. المسلسل من سيناريو وحوار محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج أحمد حسن، وإنتاج شركة فينومينا.