ودّع الفنان السوري بسام كوسا صديقه الفنان اللبناني زياد الرحباني بكلمات مؤثرة، معبّراً عن حزنه العميق على رحيله بعد صداقة قوية جمعتهما. وأشار كوسا إلى أنه لم يستطع التعبير عن مشاعره فور سماعه خبر الوفاة، واصفاً حالته بأنها “تشبه الشلل”.

مقال رثاء لا يمدح

في مقال يحمل عنوان “تركني عالأرض وراح”، كتب بسام كوسا عن زياد الرحباني، مؤكداً أنه لم يحاول مدحه لأنه كان يكره ذلك. ووصفه قائلاً: “كل ما أستطيع قوله إنّ هذا الرجل كان بسيطاً مثل رغيف الخبز، عميقاً كالحلم، وصادقاً كالألم. لم يتجمل أمام الحياة أو يخدعها، بل كان ينظر إليها مباشرةً دون خداع”.

أشاد كوسا بقدرة زياد الرحباني على الإبداع في التأليف الموسيقي وكتابة الكلمات والمقالات والمسرحيات، قائلاً: “يا صديقنا الأقرب، قلت ما لم نستطع قوله (موسيقى، مسرح، غناء، إذاعة، مقالات، آراء، مواقف، محبة…)، قلتها بصدق وجرأة ونبل وإبداع”. وأشار إلى أن الرحباني كان يدهشهم باستمرار بقدرته على التجديد.

لحظة رحيل مفاجئة

وصف بسام كوسا لحظة وفاة زياد الرحباني بأنها جاءت على غفلة، مما سبب ذهولاً للجميع. وقال: “وفي لحظة فجيعتنا برحيلك، جمعنا كل ضحكاتنا في سلة واحدة، وفي لمحة بصر تحولت كل هذه الضحكات إلى ألم شديد”. واستعان بعبارة لزياد الرحباني نفسه ليصف ألم الفقدان، قائلاً: “هذا الوجع المباغت ذكرني بما قلته أنت: شيء جديد، على نفس النسق القديم، بس شيء جديد”.

ذكريات من حوار قديم

استرجع كوسا تفاصيل حواره مع الرحباني قبل أكثر من 17 عاماً، مشيراً إلى أنه شعر بالحرج عندما وصفه بـ”الظاهرة”. وروى قائلاً: “قلت لك مرة خلال حوارنا عام 2008: إن الأمم تنتظر أن تمنحها الحياة حالة إبداعية متفردة كل خمسين عاماً، ففي الثلاثينيات ظهر سيد درويش، وفي الثمانينيات كنت أنت. حينها انتابك خجل وارتباك شديدان لدرجة أنك تلعثمت”.

وأكد بسام كوسا أن إبداع وفن زياد الرحباني سيبقيان حاضرين لأجيال قادمة، وسيكونان بمثابة سند معنوي ووجداني للكثيرين. وتابع: “سنظل نسمعك ونتذكرك، وستبقى محرضاً قوياً على العطاء والحب والتفاؤل، فما قدمته في مسيرتك سيبقى ضوءاً يدلنا إلى حياة أفضل وأشرف، فقد كنت خير من يوصل الرسالة”.

صورة نادرة يشاركها كوسا

نشر بسام كوسا صورة نادرة لزياد الرحباني في طفولته وهو يعزف على البيانو، وكتب عليها جزءاً من مقال الرثاء، جاء فيه: “هذا زياد، هذا بعضٌ منه، يحق لأي إنسان أن يدّعي صداقته – حتى لو لم يره – لقد كان متاحاً للجميع، فهو حالة إنسانية إبداعية قلّ حدوثها”.

كما اعترف كوسا بتردده في الكتابة عن زياد الرحباني، قائلاً: “لم أكن حقاً أرغب في الكتابة عنه، ترددت كثيراً، أحسستُ بأنني قد أُصبت بما يشبه الشلل”.

يُذكر أن بسام كوسا وزياد الرحباني التقيا في حوار تلفزيوني استثنائي عام 2008، حيث دار نقاش بينهما حول الفن والحياة ورؤى الرحباني. ووصف هذا اللقاء بأنه وثّق لحظة صداقة بينهما، حيث أكد كوسا اعتزازه الكبير بالرحباني كظاهرة فنية فريدة لا تتكرر إلا كل 50 عاماً، تماماً مثل سيد درويش.