لطالما ارتبط اسم الموسيقار الكبير فريد الأطرش في الأذهان بالفن الأصيل، اللحن الشجي، والصوت الدافئ الذي أسر قلوب الملايين. لكن إلى جانب عبقريته الموسيقية الفذة، كانت هناك صفة أخرى لا تقل روعة وتميزًا، وهي كرمه الفياض الذي عرفه القاصي والداني. فريد الأطرش لم يكن مجرد فنان عظيم، بل كان إنسانًا استثنائيًا يفيض جوده وعطاؤه على من حوله، ليرسم صورة نادرة لمزيج من الفن الرفيع والأخلاق النبيلة.
لم يكن كرم فريد الأطرش مقتصرًا على مجال معين أو على فئة محددة من الناس. لقد امتد ليشمل أصدقاءه، وزملائه الفنانين، وحتى معجبيه ومحتاجيه. كان بيته مفتوحًا دائمًا للجميع، وكان مضيافًا من الطراز الرفيع، لا يبخل على أحد بوقته أو بماله. فكثيرًا ما كان يقيم الولائم الفاخرة، ويستقبل ضيوفه بحفاوة بالغة، دون تكلّف أو مَنّ.
وتتعدد القصص والروايات التي تروي جوانب من كرم هذا الفنان العملاق. فقد كان معروفًا بمساعدته للفنانين الشباب، ودعمه للمواهب الصاعدة، ماديًا ومعنويًا. كان يؤمن بأن الفن رسالة، وأن دوره كفنان كبير هو أن يمد يد العون لمن يسير على دربه، ليضمن استمرارية الإبداع وتوارثه. ولم يكن كرمه محصورًا في العطاء المادي فقط، بل كان يشمل أيضًا الدعم المعنوي والتشجيع المستمر، مما كان له بالغ الأثر في نفوس الكثيرين.
كما عرف عن فريد الأطرش حبه للخير ومساعدته للمحتاجين. فقد كان يتصدق بسخاء، ويسهم في الأعمال الخيرية دون إعلان أو تفاخر. كان كرمه نابعًا من قلب طيب، يؤمن بأن المال وسيلة لإسعاد الآخرين، وليس غاية بحد ذاتها. وقد ترك هذا الجانب من شخصيته أثرًا عميقًا في نفوس من عرفوه، وجعل منه قدوة في العطاء والنبل.
في الختام، إن الحديث عن فريد الأطرش لا يمكن أن يكتمل دون تسليط الضوء على هذه الصفة النبيلة التي لازمته طوال حياته. لقد كان كرمه جزءًا لا يتجزأ من شخصيته الفنية والإنسانية، وأضفى عليه هالة من التقدير والاحترام لم تقتصر على معجبيه فحسب، بل امتدت لتشمل كل من تعامل معه. فريد الأطرش، العبقري والمبدع، سيظل ذكرى خالدة في قلوبنا، ليس فقط لألحانه الخالدة وأغانيه الرائعة، بل لكرمه الفياض الذي يضاهي فنه، ويزيد من إنسانيته وعظمته.
ميشيل نان