يُعد الفنان رشدي أباظة واحدًا من أبرز أيقونات السينما المصرية على الإطلاق، ليس فقط لوسامته وجاذبيته التي أكسبته لقب “دنجوان السينما المصرية”، بل لموهبته الفذة التي سمحت له بتجسيد أدوار متنوعة بإتقان شديد. ترك رشدي أباظة بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما العربية، ولا تزال أعماله خالدة في أذهان الجمهور.
ميلاده ووفاته ونشأته
ولد رشدي سعيد أباظة في 7 أغسطس 1926 بمدينة المنصورة في مصر. ينتمي إلى عائلة أباظة المعروفة، والتي لها جذور تاريخية في مصر. والده هو سعيد أباظة ووالدته إيطالية تدعى ليلى. هذا المزيج الثقافي أثر في شخصيته وجعله يمتلك كاريزما وحضورًا فريدًا.
توفي رشدي أباظة في 27 يوليو 1980، عن عمر يناهز 53 عامًا، بعد صراع مع مرض سرطان المخ.
بداية المسيرة الفنية وأهم محطات الشهرة
لم يكن دخول رشدي أباظة إلى عالم التمثيل مخططًا له بشكل مسبق، بل جاء عن طريق الصدفة. ففي عام 1948، وبينما كان يلعب البلياردو في “كازينو ريفولي” بشارع عماد الدين بالقاهرة، لفت انتباه المخرج كمال بركات بملامحه الوسيمة وحضوره المميز. عرض عليه بركات الدور الرئيسي في فيلم “المليونيرة الصغيرة” عام 1948، وكانت هذه هي نقطة البداية لمسيرة فنية حافلة.
في سنواته الأولى، شارك رشدي أباظة في عدة أفلام، لكن لم يحقق النجاح المرجو منها على الفور. سافر إلى إيطاليا عام 1950 محاولًا خوض تجربة السينما العالمية مستفيدًا من إتقانه لعدة لغات، لكنه لم يوفق في ذلك وعاد إلى مصر.
كانت نقطة التحول الحقيقية في مسيرته الفنية في أواخر الخمسينيات، تحديدًا مع فيلم “الرجل الثاني” عام 1959، من إخراج عز الدين ذو الفقار. في هذا الفيلم، جسد رشدي أباظة دور المجرم الأنيق والذكي، وهو دور غيّر الصورة النمطية للمجرم في السينما المصرية، وأظهر قدراته التمثيلية المتفردة. هذا الفيلم جعله نجمًا ساطعًا ومحط أنظار المخرجين والجمهور على حد سواء.
كما كان لتعاونه مع المخرج عز الدين ذو الفقار في أفلام مثل “امرأة في الطريق” (1958) و “طريق الأمل” (1957) دور كبير في نضوجه الفني وتألقه.
أمثلة من أعماله الخالدة
قدم رشدي أباظة خلال مسيرته الفنية أكثر من 120 فيلمًا، تنوعت بين الدراما والرومانسية والكوميديا والأكشن. من أبرز أعماله التي لا تزال عالقة في الأذهان:
- “في بيتنا رجل” (1961): يُعد هذا الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية، وقد جسد فيه رشدي أباظة دور “عبد الحميد” المقاوم الوطني، وقدم أداءً لا يُنسى.
- “الزوجة 13” (1962): فيلم كوميدي رومانسي جمع بينه وبين الفنانة شادية، وأظهر خفة ظله وقدرته على أداء الأدوار الكوميدية بنجاح.
- “صراع في النيل” (1959): فيلم درامي تاريخي من إخراج يوسف شاهين، شاركه البطولة عمر الشريف وفاتن حمامة.
- “نص ساعة جواز” (1969): من الأفلام الكوميدية الناجحة التي شاركته فيها البطولة شادية وماجدة.
- “الطريق” (1964): عن قصة لـ نجيب محفوظ، وأظهر فيه قدرات تمثيلية عالية في دور “صابر”.
- “شيء في صدري” (1971): فيلم درامي قدم فيه أداءً قويًا ومعقدًا.
- “امرأة على الطريق” (1958): من الأفلام التي ساهمت في ترسيخ مكانته كنجم.
لم يقتصر رشدي أباظة على الأدوار الرومانسية فقط، بل أجاد تقديم أدوار الشر، والرجل الوطني، والرجل العاشق، والرجل الكوميدي، مما يدل على مرونته الفنية وتنوع قدراته.
جاذبية وحضور طاغي
تميز رشدي أباظة بحضور طاغي على الشاشة، وجمع بين الوسامة الأرستقراطية وخفة الدم المصرية. كان يجيد التحدث بعدة لغات بطلاقة، مما أضاف إلى جاذبيته وشخصيته العالمية. لم تكن شهرته مقتصرة على مصر فقط، بل امتدت لتشمل العالم العربي أجمع، وأصبح رمزًا للرجل الشرقي الجذاب.
رابط الصورة: ويكابيديا