يُعد الفنان القدير حسين رياض واحدًا من أبرز القامات الفنية في تاريخ السينما والمسرح المصري والعربي، واسمًا محفورًا بمداد من نور في ذاكرة الأجيال. على مدار مسيرة فنية امتدت لعقود، قدّم هذا العملاق مجموعة هائلة من الأعمال التي أثرت الفن، وأثرت في وعي الجمهور، تاركًا بصمة لا تُمحى في قلوب وعقول محبيه.
وُلد حسين رياض في عام 1897، وبدأ مشواره الفني مبكرًا، حيث انضم إلى عالم المسرح في بدايات القرن العشرين. كان يتمتع بحضور طاغٍ وصوت رخيم مميز، إضافة إلى قدرة فائقة على تجسيد مختلف الأدوار ببراعة واتقان قل نظيرهما. لم يقتصر تألقه على نوع واحد من الأدوار؛ فقد برع في تجسيد شخصيات الخير والشر، الفقير والغني، الطيب والقاسي، مما جعله فنانًا شاملاً بحق.
يُذكر لحسين رياض أنه شارك في أكثر من 320 فيلمًا سينمائيًا، وهو رقم قياسي يعكس غزارة إنتاجه وعطاءه المتواصل. من أبرز أفلامه التي لا تزال تُعرض حتى اليوم وتُشكل علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية: “رد قلبي”، “صراع في الوادي”، “ليلى بنت الفقراء”، “الناصر صلاح الدين”. في كل دور، كان يمنح الشخصية أبعادًا نفسية وعمقًا فريدًا، ما يجعل المشاهد يتفاعل معها وكأنها حقيقية.
إلى جانب السينما، كان لحسين رياض مساهمات جليلة في المسرح والإذاعة. فقد كان ممثلاً مسرحيًا من طراز رفيع، يقف على خشبة المسرح بشموخ وهيبة، ويُبهر الجماهير بأدائه الحيوي والمتقن. كما أن صوته المميز كان رفيقًا لملايين المستمعين عبر الأثير في العديد من المسلسلات الإذاعية.
لم يكن حسين رياض مجرد ممثل يؤدي الأدوار، بل كان فنانًا مثقفًا وواعيًا، يدرك قيمة الفن ورسالته في المجتمع. كان حريصًا على تقديم أعمال تحمل قيمًا إنسانية واجتماعية نبيلة، وتُسهم في بناء الوعي العام. رحل حسين رياض عن عالمنا في عام 1965، لكن إرثه الفني لا يزال حيًا، وأعماله تُدرّس في المعاهد الفنية، وتُلهم الأجيال الجديدة من الفنانين. لقد كان حسين رياض بالفعل عملاقًا من عمالقة الفن، وسيظل اسمه محفورًا بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الفني المصري والعربي.
بقلم / ميشيل نان