تتّجه أيام قرطاج السينمائية، في دورتها السادسة والثلاثين التي ستُقام في تونس بين 13 و20 ديسمبر 2025، لتكريم أيقونة الفن اللبناني الراحل زياد الرحباني. يأتي هذا التكريم الاستثنائي بعد رحيله المفاجئ، ليكون بمثابة تقدير مستحق لإرث فني فريد من نوعه.

لم يكن خبر وفاة زياد الرحباني في 26 يوليو 2025 عن عمر يناهز 69 عامًا، مجرد خبر عادي، بل كان صدمة عميقة تركت بصمة حزن كبيرة، خصوصًا لدى والدته الفنانة الكبيرة فيروز. فقد قيل إنها دخلت في حالة انهيار عاطفي فور سماعها للخبر، ليكون رحيل ابنها مصدر حزن مزدوج لها، رغم قدرتها على الفصل بين حياتها الفنية والشخصية.

وقد أكّدت إدارة المهرجان أن هذا التكريم ليس مجرد عرض لأعماله، بل هو احتفاء بتأثيره العميق الذي تجاوز حدود الفن التقليدي. وسيكون الحضور “الرحلة” لزياد في هذه الدورة من خلال أرشيفه الثري ومشروعه الثقافي المتميز، وليس “فيلمًا أمريكيًا طويلًا” كما ورد في بيان المهرجان، في إشارة ذكية إلى إحدى أشهر مسرحياته.

وستتضمن فعاليات المهرجان عروضًا لأفلام قام بتأليف موسيقاها التصويرية، بالإضافة إلى ندوات فكرية ستستعرض تجربته الفنية الثرية التي امتدت لأكثر من خمسة عقود.

منذ بداية مسيرته، اختار زياد الرحباني طريقًا مختلفًا عن والده عاصي ووالدته فيروز. فبينما كانا يمثلان الكلاسيكية، ابتكر هو لنفسه لغة فنية ومسرحًا خاصًا به يمزج بين السخرية، والنقد الاجتماعي، والعمق الإنساني. ورغم أن علاقته بوالدته لم تكن دائمًا مستقرة، إلا أنه كان له دور كبير في مسيرتها، حيث أخرجها من الأغنية الرومانسية التقليدية إلى الأغنية الواقعية التي تعبر عن نبض الشارع.

لم يكن زياد مجرد موسيقي أو كاتب مسرحي، بل كان مفكرًا ومثقفًا استخدم فنه سلاحًا للتعبير عن مواقفه السياسية والاجتماعية، ونافذة لإلقاء الضوء على قضايا مهمة كالطبقية والفقر والفساد.